بقلم عبد صموئيل فارس
نموذج فريد قَدّمه السيد المسيح لكل العالم عن نبذ العنف والحقد والكراهية، وذلك في لقاءه الشهير مع المرأة السامرية عند بئر يعقوب.
وهذا اللقاء تحتفل به الكنيسة القبطية في هذه الأيام وفي ترتيب أحاد صومها الأربعيني المقدس وذلك بتسميتها لهذا اليوم بأحد السامرية، ونظرة إلى هذا اللقاء الذي اتسم بمعاني إنسانية فريدة نسجها السيد المسيح في هذا اللقاء، فبرغم الحالة السياسية والتي اتسمت بالعداء بين السامريين واليهود والنزاع التاريخي الذي كان بين الطرفين إلا أنه لم ينظر إلى كل هذه الحواجز بل نظر إليها أنها إنسانة تستحق الخلاص مثل باقي البشر، فقام بالسير إليها مسيرة ستة ساعات في وضح النهار وتحت أشعة الشمس الحارقة وبعد أن وصل إلى مكان اللقاء وبدون علم المرأة السامرية -إلا أنه فاحص الأعماق فيعلم بعلمه السابق أنها ستأتي في هذه الساعة-، وعند بئر يعقوب كان الحوار الذي يضرب لنا مثال عن كيفية كسب النفس التي أمامك واختراقها لا بشيء سوى بإشعاعات الحب الصادرة من قلب المسيح الذي ينبض حناناً نحو كل البشر كان بداية الحديث هو إعلان احتياجه إليها أن تعطيه ليشرب فكانت المرأة في غاية الاستغراب وأعلنت ذلك كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا سامرية؟ ومن هنا كانت البداية، وفن الحوار الذي هو أحد دروس هذه القصة، فبرغم ماضيها المشوّه وحياتها التي كانت تعيشها في الدنس إلا أن المسيح لم ينظر إلى عيوبها بل نظر إلى الايجابيات في حياتها ولم يوبخها بل تحنن، ومع بداية حديثه معها يجيبها بالصواب أجبتي ويمتدح صراحتها بعد أن كشف لها بواطن أمور في حياتها وخفاياها التي لا يعلمها سوى الله كاشف الأعماق والتي عيناه تخترقان أستار الظلام، وبدل من أن تعطيه هي ليشرب من البئر كشف لها المسيح عن بئر الخلاص الذي يمتلكه والذي لا ينضب أبداً لأنه يمتلك ماء الحياة الأبدية، وكسر المسيح كل حواجز التعصب بين البشر وبين السامريين واليهود بالتحديد وتحولت المرأة من خاطئة لمُبشّرة تنادي في مدينتها تعالوا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت وهنا تم المقصود ونجح المسيح في غايته من هذا اللقاء وهو الخلاص المجاني والمصالحة بين البشر بعد أن ضرب لكل البشر مثالاً حيّاً عن نبذ العنف والحقد والكراهية وترك كل جوانب النزاع بين الحُكّام والأوطان وليتعامل البشر مع بعضهم بالحب بدون النظر إلى الجنس أو اللون أو العرق أو المعتقد، يكفي أن لنا أب واحد وأم واحدة هما حواء وآدم.
ليت رسالة الحب التي قَدّمها المسيح في هذه القصة تكون منهج ودستور يسير البشر عليه حتى نتخلص من الأحقاد والنزاعات والخصومات ليحيا العالم في سلام وأمان