-لا غفران بدون دم
________________________________________
لا غفران بدون دم
"هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" ﴿متى 26: 28﴾
لماذا سفك المسيح دمه لأجلنا؟ هل كان من المحتم أن يتم عمل الفداء هذا؟
إن قرأت الكتاب المقدس بكل تدقيق، ستجد الخيط القرمزي الذي يرمز إلى الفداء يتخلله من أوله إلى آخره. إنّ الدم يبدأ من سفر التكوين وينتهي بسفر الرؤيا. خذ الدم من جسدي تنتهي حياتي. فحين يطلب الله الدم، فإنه وبمعنى أوضح يطلب الحياة.
لقد "أخطأنا كلنا وأعوزنا مجد الله"، وينبغي أن نموت من أجل خطايانا أو نبحث عن بديل أو نائب يموت لأجلنا، ونحن لا نستطيع أن نجد إنساناً يموت نيابة عنا، لأنَّ كل إنسان ينبغي أن يموت من أجل خطاياه الشخصية هو، "إذ الجميع أخطأوا" ﴿رومية 3: 23﴾ . لكن المسيح الكامل الذي لم يخطئ قط، و"الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر" ﴿1بطرس 2: 22﴾، والذي تحدَّى اليهود قديماً أن يبكته أحدهم على خطية واحدة ارتكبها، إذ قال: "من منكم يبكتني على خطية" ﴿يوحنا 8: 46﴾، هو وحده الذي يصلح أن يموت نيابة عني وعنك. ولقد مات المسيح فعلاً من أجلي، ومن أجلك، ومن أجل الجميع.
إن دم المسيح - مثل حياته - ليس له بداية أو نهاية. إنه دم أزلي. والرموز والإشارت التي تشير إلى دم المسيح تملأ صفحات العهد القديم من أوله إلى آخره. فقصة إطاعة إبراهيم لأمر الله بالتضحية بابنه تُظهر لنا كيف أنَّ حيواناً بريئاً قد سُفك دمه من أجل ابنه أي من أجل مذنب أثيم. وما هذا إلا رمز للذبيحة العظمى وعمل المسيح الكفاري على الصليب.
لقد أحبَّ الله إبراهيم كثيراً لدرجة أنه فدى ابنه من الموت، لكنه أحبَّ العالم أكثر جداً لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد لخلاصنا أجمعين.
وكل هذه كانت رموزاً وظلالاً لحمل الله الذي يرفع خطية العالم كله، وللدم المزمع أن يسفك عن كثيرين لمغفرة الخطايا.
ليس بإمكان الفضة والذهب أن يفديا الإنسان أبداً. لقد دخل الموت إلى العالم بالخطية، ولا يوجد إلا الدم الذي يكفر عن الخطية. إن "الفداء" يعني الشراء مرة ثانية، لقد بعنا أنفسنا للشيطان والخطية، لكن المسيح جاء لكي يشترينا ويفتدينا ويرجعنا لله مرة ثانية.
"وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه" ﴿كولوسي 1: 20﴾. لأنه لا يوجد سلام في هذا العالم. ولا يوجد إنسان يعرف معنى السلام طالما أنه لم يتصالح مع الله بعد. وليس هناك من وسيلة للتصالح مع الله سوى الدم.
فبواسطة موت المسيح على الصليب وبواسطة سفك دمه الكفاري أصبح الإنسان الخاطي مبرراً أمام الله وكأنه لم يفعل خطية واحدة. والله ينظر إلينا في المسيح فيجدنا أبراراً غير مُدانين بشيء من الخطايا. فلقد كان دم المسيح ولم يزل مغسِّلاً ومطهراً ومقدِّساً لكل المؤمنين الذين قبلوه وآمنوا بموته على الصليب من أجل خطاياهم. لقد مزَّق موت المسيح على الصليب الحجاب الفاصل بين الله والناس بعد أن تمزَّق حجاب الجسد على الصليب بواسطة سفك دم المسيح من أجل الخطايا. فلم نعد بحاجة إلى شخص أو ملاك لكي يشفع فينا. ولن يوجد قط شفيع يستطيع أن يتكلم أفضل من دم المسيح الذي عن طريقه صرنا ملوكاً وكهنة لله. إنَّ شفاعة الدم قوية وفعالة ومستمرة ولا تحتاج إلى أي شفاعة أخرى تسندها. ففي دم المسيح غلبة على الشيطان وعلى العالم وعلى الخطية والجسد.
ما أعظم انتصار الإنسان بالدم المسفوك من أجله على الصليب، إذ ليس هناك قوة تستطيع أن تغيرك وتخلصك أكثر من دم المسيح المسفوك على الصليب. اقبل المسيح اليوم وصلِّ في قلبك أن يكون دم المسيح هو طريقك إلى الحياة الأبدية.
أيها القارئ الكريم،
هل غفرت للآخرين زلاتهم بحقك؟ نرجو أن تكون قد فعلت ذلك.(منقول)