الإنسـان
ينسى ولا ينسى الإنسان ينسى ولا ينسى. أنها مُفارقة ! لكن هذا ما خرجت به من عِبَر وحصيلة تجارب خلال السنيين!
نعم الإنسان ينسى:
ما للآخرين من فضل عليه ؛ وينسى بسرعة ما للآخرين من خدمات ونشاطات ومواقف ومعروف وحسنات ..... انه ينسى الوجه الأبيض ( الايجابي) متمسكا بالوجه الاخر ، ليرى النقطة السوداء في اللوحة البيضاء . ناظرًا الى السواد قبل البياض. وبسرعة البرق ينسى اخطاءه بحق الآخرين وكأن شيئًا لم يكن! وما زال ينسى .... او يتناسى!
لكنه لا ينسى :
ماله من فضل بحق الآخرين ، فتسمعه يحدثك دومًا ، أنه باليوم والتاريخ الفلاني قدم لك معروفًا وصنع لك خدمات جمة ..... وفي قوله هذا منية وتحسيس بالفضل!
_ ولا ينسى اخطاء واهمالات وتجاوزات الآخرين المقصودة وغير المقصودة بحقه ، فيُذكرك أنك بالتاريخ الفلاني خطأت بحقه . وتجدها تعتب على قريباتها لانهم لم يزوروها ويواسوها عندما كانت طريحة الفراش .....
وترى المتزوجين من ابسط مشكلة يسترجعون ذكريات مؤلمة متوغلة في القدم ويتسارعون بعرضها امام بعضهما البعض .....
والمحبيين عادةً ،ينسون الايام الجميلة واللحظات المُقدّسة التي جمعتهم وعاشوها سويةً؛ ليتمسكون بالمواقف والكلمات المؤلمة ، فدعوة لهم الى ان يدركو ان الذي بينهم اقوى واقدس من اي خلافات وذكريات اليمة وينسون الاوقات العصيبة ؛ فالحبّ هو نسيان وصفح لا حدود له!
هكذا هو الإنسان يعود دومًا للوراء ليُقلب صفحات الماضي المؤلمة ولا ينسى !!
انه ينساك بُمجرد ان تبتعد عن المكان الذي خدمته ردحًا من الزمن وينسى كل ما لك من مواقف وخدمات ونشاطات واثار وعطاء وحسنات..... فتصبح في ذاكرة النسيان لتكون في خبر كان! وكم تصعب الحياة وتزداد مرارة عندما يتنكر الاخرين لما لك من معروف وخدمات واشتغالات ..... ويحاولون ان يزيلوا من الوجود كل اثاركَ!
كثيرون هم الذين ينسون ويتناسون ولا يحترمون ذكرى الاخرين واثارهم او يقفوا وقفة اجلال ووفاء لها ؛ وهذا ليس بغريب على مجتمعات تؤمن بالمثل القائل:( البعيد عن العين بعيد عن القلب)!!
فما ان مات شخص مبدع لترى الكثير وللاسف يطعنون ويتنكرون له ولاشتغالاته وكأنهم يحاولون مسخ اسمه وازالته من الوجود وكأنهم يصفون حساباتهم معه ..... كم ضعفاء هؤلاء الاشخاص ومرضى لانهم بوجوده كانوا متملقين متزلفين مصفقين .... !!! ما اتعس الازوادجية والازدواجيين!
لكنني لا اتنكر لوجود اناس وفية مخلصة تتذكر اثارك في حياتهم .... فهم لا ينسون .... لكنهم وللاسف قليلون بل نادرون ولاسيما في زماننا هذا !