هل الله لا يستجيب إلى صلاة الإنسان الخاطئ؟
--------------------------------------------------------------------------------
ج: مكتوب "لأنهُ هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل ابنهُ الوحيد لكي لا يهلك كلُّ مَنْ يؤمن بهِ بل تكون لهُ الحياة الأبديَّة." فالله يحب الخاطئ ويستجيب له الطلبات التي هي لخيره ولا يستجيب له الطلبات التي لضرره، وفي كل تعاملات الله مع الإنسان الخاطئ يريد الله أن يُظهر محبتهُ للخاطئ ولطفه به ومراحمهُ لهُ لعلَّ هذا يقود الإنسان الخاطئ إلى الإيمان والولادة الجديدة من فوق. بحسب المكتوب "أم تستهين بغنى لطفهِ وإمهالهِ وطول أناتهِ غير عالمٍ أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة." بل أن الله يُظهر هذا اللطف وهذه المراحم حتى لو لم يطلبها الإنسان غير المؤمن، ولنفس الغرض لعلها تقوده إلى التوبة، لذلك مكتوب "فإنه مُنعمٌ على غير الشاكرين والأشرار."
وحينما يستجيب الإنسان الخاطئ لتعاملات الله وينكسر قلبه ويصلي صلاة التوبة وطلب الخلاص، فإن السماء تفرح جداً وتسرع باستجابة هذه الصلاة. مكتوب "يكون فرحٌ في السماءِ بخاطئٍ واحدٍ يتوب" فحينما يدرك الإنسان الخاطئ أنه خاطئ، وأن الله يحبهُ ويريد أن يرحمه ويخلصه من خطاياه فيتضع الخاطئ وينكسر قلبه أمام الله ويصرخ في تذلل قائلاً "اللّهمَّ ارحمني أنا الخاطئَ." حينئذٍ يرحم الله الإنسان ويُنعم عليه بالنعمة المخلِّصة، فيتبرر مجاناً بنعمة المسيح وهذا ما يسميه الكتاب المقدس الولادة من فوق، أي الولادة من كلمة الله والروح القدس. وقد علمنا المسيح في إنجيل يوحنا قائلاً "المولود من الجسد جسدٌ هو والمولود من الروح هو روح.... ينبغي أن تولدوا من فوق." فكلنا وُلدنا من آدم الأول الذي هو من تراب لذلك ستعود أجسادنا إلى التراب كما قال الله لآدم "لأنك ترابٌ وإلى ترابٍ تعود"لكن الولادة الجديدة التي هي الولادة من فوق فهي ولادة من السماء، من آدم الأخير الذي هو شخص المسيح، كلمة الله، وهذه الولادة هي بمشيئة الآب وعمل الروح القدس، أي يعطي هذه الولادة الله المثلَّث الأقانيم، الآب والابن والروح القدس. فمن يُولد هذه الولادة يتم فيه القول "والمولود من الروح هو روح." فحينما ينتهي عمره على الأرض، يذهب الجسد إلى التراب مع آدم الترابي، لكن النفس والروح تصعدان إلى السماء مع المسيح السماوي، لذلك تفرح السماء جداً بخاطئ واحد يتوب، لأنه بهذه التوبة ينجو الخاطئ من الهلاك ويستمتع بالحياة الأبدية، فالله يحب الإنسان جداً.
أما بعد توبة الإنسان فسيُدخِلهُ الله إلى أعماق الشركة معه، وكلَّما تمتع الإنسان بالعمق الروحي مع الله، كلَّما أدرك إرادة الله أكثر وكلما صارت طلباته موافقة لمشيئة الله أكثر وممتلئة بالخيرات كما هو مكتوب "وهذه هي الثقة التي لنا عندهُ أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئتهِ يسمع لنا. وإن كُنَّا نعلم أنه مهما طلبنا يسمع لنا نعلم أن لنا الطلبات التي طلبناها منه."
وهنا نأتي إلى ختام الأمر بالقول أن أمام الإنسان طريقٌ من اثنين في الطلب من الله، إما طريق الأشرار ومكتوب عنه "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً لكي تنفقوا في لذاتكم" أو طريق الأبرار ومكتوب عنه "ومهما سألنا ننال منهُ لأننا نحفظ وصاياهُ ونعمل الأعمال المرضيَّة أمامهُ."
الله يُحكِّمنا فنقبل خلاص المسيح فنسلك في طريق الأبرار، ومكتوب "لأن الربَّ يَعلَم طريق الأبرار. أما طريق الأشرار فتهلك" ليُنعم الله علينا ويقودنا في الطريق والحق والحياة. آمين