أسس الســعـادة الزوجـيـــة
ان الوضع الكتابي للزواج والغرض الرئيسي منه هو ما قاله الله : " ليس جيدا ان يكون ادم وحده , فأصنع له معينا نظيره " . إذ قصد الله ان يتعاون الشريكان معا في السراء والضراء , وان يعملا بقانون المسيح : ان الاعظم هو من يخدم وليس الذي يتكيء علي الدوام لكي يخدمه غيره . قال الكتاب : " احملوا بعضكم اثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح " . وإن صح هذا عامة , فهو الزم للحياة الزوجية بين الشريكين .
بعض الطرق لعلاج اهمال التعاون والصداقة بين الزوجين :-
قال احدهم : (1) ليدرس الزوجان الاسباب التي عطلت الصداقة والتعاون بينهما . (2) ليقر كل منهما بخطئه بتواضع , والا تعذر العلاج لوجود الكبرياء والتعالي , وليعرف كل منهما ان من يبدأ بالاعتراف فهو الاعظم وليس بالعكس (3) ليبدأ الاثنان في الصداقة العملية وفي التعاون البناء في الحال 0 (4) اذا اختلفا حول امر من الامور ليأخذا المسألة بسهولة وبالاقناع باللطف , ويتركا المسألة للزمن لزيادة الفهم اذا لم يتم الاقناع . (5) واذا امكن ليحتكم الاثنان الى صديق للطرفين او لرجل من رجال الدين يثقان به وممن يحفظون اسرار الناس . (6) وقد يحتكم البعض الى اجراء القرعة عن الامر الذي يختلفان فيه اذا كان الاثنان يستسيغان هذه الطريقة . قال احدهم : ان صفات اللطف والصبر والاحتمال , هي كالشحم للآلات يلينها ويسهل عملها . وهكذا لا تسير عجلة الحياة الزوجية إن لم تشحم بشحم هذه الصفات السامية . وكما ان الآلة تحدث اصواتا مزعجة , ويصعب ادارتها بدون تشحيم , هكذا تحدث لماكينة الحياة الزوجية , تحدث صخبا وصياحا وازعاجا بل تتعطل وتتوقف عن التقدم .
الثقة والصراحة للثقة والصراحة بين الزوجين نتائجهما المباركة :
(1) ازدياد المحبة بين الاثنين على مر الايام (2) عدم فتح ثغرة للوشاة الخبثاء . (3) استئمان الواحد منهما للأخر علي كل شيء . (4) عدم تطرق الشك الي قلبيهما . (5) اتخاذ كل منهما الآخر صديقا وعونا على مصائب الدهر . (6) تقاسم مسرات الحياة معا . (7) سيادة السلام القلبي بينهما , والسعادة الصحيحة . قال احدهم : من آفات الزواج عدم الصراحة بين الزوجين وان كلا منهما لا يفضي بما فيه . وهذا يكثر الشك والتوجس والظنون والانتقاد .والاجدر ان يفضي كل منهما للآخر برغباته او انتقاداته بروح اللطف المسيحي . وباستعمال الصراحة تتلاشى الافكار السيئة وتتوطد دعائم الصداقة بين الزوجين . قال بلي جراهام الواعظ الامريكي المشهور : " ليست الزوجة لعبة او اداة من ادوات الزينة في منزلك ولكنها شريكة حياتك في كل امور الحياة . لذلك يجب ألآ تحتفظ بأسرار تخفيها عنها . بل اعرض عليها مشروعاتك وناقشها فيها " . لكن أخر يرى ان لكل قاعدة شواذ , فعندما لا تكون الزوجة مستحقة لان تكون موضع ثقة فيستمع الزوج للقول الالهي : " احفظ ابواب فمك عن المضطجعة في حضنك " ( ميخا 7 : 5 ) .
قد تتعطل الثقة والصراحة بين الزوجين لاسباب منها :
(1) كتمان الامور الواحد عن الآخر وعدم التشاور . (2) دخول بعض الوشاة بين الاثنين . (3) ضعف الحياة الروحية . (4) وجود بعض التقلب في حياة احدهما او اي الاثنين . (5) الميل لتصديق أخر اكثر من الشريك الأخر . (6) عدم الحكمة في بعض التصرفات . (7) عمل اشياء مشكوك في امرها من احدهما او من الاثنين .
محبة , وخضوع
الخضوع الدائم هو الخضوع للرجل , لأن الرجل رأس المرأة , والرأس لا يتسلط بل يقود ويوجه . هذا الخضوع ينبغي ان يكون شاملا اذ هو في كل شيء . كما ينبغي ان يتمثل بخضوع الكنيسة للمسيح . ويتم هذا الخضوع عمليا بالاحترام والاجلال " اما المرأة فلتهب رجلها " . وسر الاخطار والاضرار التي تصيب المجتمع تأتي من بعد المرأة عن هذا الولاء والتقدير .أما الرجل فمن واجبه المحبة . على ان المحبة في ذاتها لا تحتاج الى وصية , لكن الرسول بولس لا يقف عند مجرد المحبة بل يرتقي بها الى محبة المسيح الباذلة العجيبة , وعندما توجد المحبة يوجد معها كل شيء .
ذكر الاستاذ لويس بجامعة اكسفورد في كتاب " آداب السلوك المسيحي " ما يلي : "تتعهد الزوجة المسيحية في رابطة الزواج ان تطيع زوجها , والرجل في الزواج المسيحي هو " الرأس " . وهنا يثير بعضهم او على الاصح بعضهن سؤالين :1) لماذا هذا الرأس ? ولماذا لا تكون مساواة ?2) ولماذا يكون الرجل هو الرأس ... والجواب هو :1) ان الحاجة الى رأس ناشئة عن الفكرة بأن الزواج علاقة مستديمة ثابتة , وطبعا ما دام الوفاق قائما بين الزوج والزوجة فلا مجال للتحدث او التفكير فيمن هو الرأس . وهذا هو الوضع الطبيعي الذي نرجوه في كل زواج مسيحي . ولكن اذا وقع شقاق , فما الذي يحدث ? الشيء الطبيعي هو بذل الجهد لازالته بالعتاب الودي والكلام العاقل , ولكن اذا فرض انهما فعلا كل هذا ولم يصلا الى اتفاق , فما الذي يفعلانه بعد ذلك ? لا يمكن تسوية النزاع بأغلبية الاصوات , لأن مجلسا مؤلفا من اثنين فقط لا اغلبية فيه . لا شك ان الذي يحدث هو احد امرين .1) فإما ان ينفصلا ويذهب كل منهما لحال سبيله , وإما ان يكون لاحدهما القول الفاصل . وما دام الزواج رابطة مستديمة , فلا بد ان يكون لاحد الطرفين في اخر الامر , حق تقرير سياسة الاسرة , ولن تعيش اية هيئة مستديمة بدون دستور يحكمها وسلطة ما تشرف عليها .2) وان كانت هنالك ضرورة للرأس فلماذا لا يكون الرجل ? اعتقد ان المرأة ذاتها لن تسيطر على رجلها اذا كانت تحبه , فان سلطة الزوجات على الازواج شيء غير طبيعي . والمرأة العاقلة الحكيمة لا ترضاها , بل المرأة بصفة عامة تخجل من هذا الموقف وتحتقر الرجل الذي تكون هي رأسا له.
التعبير عن العواطف
قال احد رجال الاعمال " انني متزوج منذ اكثر من ثمانية اعوام وقلما ابتسمت لزوجتي خلال هذا العمر الطويل ; بل قلما حدثتها بأكثر من بضع عبارات ابتداء من الساعة التي اصحو فيها حتى اغادر البيت قاصدا عملي . لقد كنت أسوأ مثل للرجل العبوس المتجهم . فلما قصدت ان ابتسم فكرت ان اجرب الابتسام مع زوجتي . ففي الصباح التالي , بينما أنا امشط شعري امام المرأة تطلعت الى صورتي وقلت لنفسي " انك ستمحو اليوم هذا العبوس المخيم على سحنتك , ستبتسم دائما , وإبدأ في هذه اللحظة " . فلما جلست على المائدة لتناول طعام الافطار حييت زوجتي بهذه التحية على الدوام . وقد جلب هذا الموقف الجديد لبيتنا خلال الشهرين الماضيين سعادة لم نذق مثلها خلال العام الماضي كله .
رد الشر بالخير
كانت الزوجات المسيحيات كثيرا ما يعرضن احوالهن مع ازواجهن على القديسة " مونيكا " ام القديس اغسطينوس , ويشكين لها مصابهن , ويتعجبن كيف تعيش مع زوجها براحة وسلام , مع انه مشهور بشراسته وغضبه الشديد , فكانت تجيبهن بالقول : " انه اذا احتد وغضب , فاني اسكت سكوتا تاما , بل كثيرا ما انشغل بالصلاة في اثناء هياجه وسخطه , وعلى هذه الصورة يسكن غضبه ويهدأ اضطرابه , فأعيش معه بحب وسلام حتى اني قد استملته الى المسيحية . فافعلن مثل ذلك تعشن ورجالكن , براحة بل تقدسن انفسكن ورجالكن ". كان احد الافاضل يتحدث مع شيخ ثقي . فسأله عن سبب تجديده , فصمت دقيقة , وكان السؤال اصاب وترا حساسا في نفسه , وأجاب بتأثر شديد وقد سالت الدموع من عينيه : " لقد جاءت زوجتي الى الله قبلي بعدة سنين فاضطهدتها واسأت اليها بسبب دينها , غير انها لم ترد علي الا بالشفقة . وكانت تظهر بأستمرار اهتمامها لتزيد من راحتي وسعادتي . فكان سلوكها الطيب مع كل ما لقيته من الم من سوء معاملتي فها هو اول ما ارسل سهام التبكيت الي نفسي" .
المحبة الزوجية
وضح احد الحكماء المحبة في الزواج بقوله : " هناك ثلاثة انواع من الحب (1) الحب الكاذب , الذي يطلب ما لنفسه , كما يحب الانسان الذهب والكبرياء والنساء خارج الحدود التي رسمها الله (2) وهناك الحب الطبيعي , كحب الوالد لابنه والأخ لاخته (3) وفوق الكل الحب الزوجي الذي يتغلب على كل شيء ولا يطلب الا الشريك الآخر فيقول : انا لا اطلب ما هو لك , لا ذهبك ولا فضتك , بل اطلبك انت , . وهذا النوع من الحب يطلب المحبوب كله . ولو لم يكن آدم قد سقط لكان الحب الزوجي أقدس ما في الوجود , ولكن الحب الزوجي الآن ليس نقيا كما ينبغي , لأن حب الذات يتدخل فيه .قد شدد البيورتيان الذين ظهروا في انجلترا في القرن السادس عشر ونادوا بضرورة التدقيق الديني الشديد , بان الزوجين يجب الا يقدما ولاءهما لبعضهما عن ولائهما للمسيح والا اعتبر هذا عبادة اصنام . فقد كتب كرومويل زعيمهم الاول المشهور لابنته على اثر زواجها بقول : " لا تدعي حبك لزوجك يقلل من حبك للمسيح بأي شكل من الاشكال . ان اكثر ما يجتذبك هو مدى تشبهه بالمسيح , فصورة المسيح فيه هي ما يجب ان يجذبك اليه اولا " . وقد كتب احد البورتيان الى خطيبته يقول : " يا حمامتي لا اعطيك قلبي لاني قد سبق واعطيته للسماء من زمن طويل , ما لم يكن قلبي خدعني , وانا واثق انه ليس ملك احد في هذا العالم . ولكن الحب الذي تسمح السماء لي بأن اقدمه لانسان اقدمه لك وحدك " .
الطلاق
الطلاق هو مظهر الرفض وعدم الرضا بواقع معين أي بالزواج . وعدم قبول العيش مع شريك الحياة أو شريكة الحياة . وان المبدأ العام هو ان احد الزوجين او كليهما يرفض ان تستمر على ذلك النوع من الحياة التي ربما كان راضيا بها من قبل . ونظرا لوجود مخرج من هذه الحياة , أو نظرا لوجود سبيل للخروج من ذلك السجن الذي يرفضه الزوجان , يهرب كل منهما أو احدهما الى التحرر . فالطلاق اذن مظهر للرفض وأسلوب للانعتاق والتحرر من سجن الزوجية كما يسميه البعض .
لوعرف الانسان أن هذا السجن له أبواب من ذهب , وقيود من حرير لعزف عن تسميته سجنا , وبارك الله لاجل تأسيس الزواج . لكن هذه الظاهرة هي بخلاف ترتيب الله وبخلاف ارادته .والكتاب المقدس يعيدنا الى ما قاله السيد المسيح عن هذا الموضوع , حيث قال الكتاب المقدس بان الله من بدء الخليقة ذكرا وأنثى خلقهما . ويقول أيضا : " من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته , ويكون الاثنان جسدا واحدا , فالذي جمعه الله لا يفرقه انسان " . لكن الفريسيين اذ أرادوا أن يجربوا المسيح قالوا له : " فلماذا أوصى موسى أن تعطى كتاب طلاق فتطلق ? " فقال لهم : " ان موسى من اجل قساوة قلوبكم أذن لكم ان تطلقوا نساءكم . ولكن من البدء لم يكن هكذا . وأقول لكم : ان من طلق أمرأته الا بسبب الزنا وتزوج باخرى يزني , والذي يتزوج بمطلقة يزني " . وهكذا لقد اصلح المسيح مفهوم الطلاق ووضع له شرطا , وأعاد ترتيب الزواج الى وضعه الاول اذ قال : " يكون الاثنان جسدا واحدا " , وهذا الجسد لا يمكن ان ينفصل بسهولة ولا يحق لأي انسان ان يتدخل لفصله لأن الذي جمعه الله لا يفرقه انسان . وهكذا نجد أن تعليم المسيح واضح جدا وهو منع الطلاق الا بسبب واحد وهو عدم الوفاء . وبما أن الله لا يريد ولا يحب عدم الوفاء , اذا فهو لا يريد ولا يحب الطلاق , ولا يأذن ايضا بالطلاق